• ١٥ كانون ثاني/يناير ٢٠٢٥ | ١٥ رجب ١٤٤٦ هـ
البلاغ

حظر الحركة الإسلامية للاستفراد بالأقصى

جبريل عودة

حظر الحركة الإسلامية للاستفراد بالأقصى

لا يمكن عزل قرار الإحتلال الصهيوني بحظر الحركة الإسلامية في  الداخل الفلسطيني المحتل  عن أحداث انتفاضة القدس المندلعة في الأرض المحتلة، حيث أنّ قرار حظر الحركة الإسلامية وإغلاق مؤسساتها، من ضمن الإجراءات القمعية التي صوت عليها المجلس الوزاري المصغر لحكومة نتانياهو لمواجهة انتفاضة القدس، ويعتبر دور مؤسسات الحركة الإسلامية ورئيسها الشيخ رائد صلاح فعّال ومركزي في  الدفاع عن المسجد الأقصى، وكشف وفضح المخططات الصهيونية التي تستهدف تقسيم وتهويد الأقصى ويشكل شعار "الأقصى في خطر" أصدق عبارة أطلقت لتوصيف الوضع الذي يعيشه الأقصى تحت الإحتلال الصهيوني  .

رد قادة الحركة الإسلامية على قرار الحظر كما كان متوقعاً هو الاستمرار بالمسيرة دون توقف، فالخطر يحدق بالأقصى ولا يمكن لقرار إحتلالي وقف أو إحباط تحرك الفلسطيني نحو الدفاع عن مقدساته، الشيخ رائد صلاح قال رداً على القرار "أنّ الحركة الإسلامية" قائمة ودائمة برسالتها، تنتصر لكلّ الثوابت التي قامت لأجلها، وفي مقدمتها القدس والأقصى المباركان "وكذلك نائبه  الشيخ كمال الخطيب قال"وأهم نتنياهو وحكومته، إن ظنوا أنّنا سنغادر ساحة العمل، والدفاع عن الأقصى، لن نعدم الوسيلة، ولن نتراجع يوماً عن هذا الهدف.

لقد شكلت الحركة الإسلامية في الداخل عائقاً كبيراً أمام مخططات تهويد واستهداف المسجد الأقصى المبارك، حيث عملت ضمن برنامج متكامل على عمارة الأقصى بالمصلين والمرابطين، ومن هذه البرامج مسيرة البيارق التي تنطلق من المدن المحتلة في النقب والمثلث والجليل عبر حافلات مجانية، لنقل المصلين لأداء الصلوات في المسجد الأقصى المبارك على مدار اليوم والليلة وأيام الشهر والسنة، ولقد حقق هذا المشروع نجاحاً كبيراً في جوانب متعددة، أبرزها تواجد المصلين في المسجد الأقصى بأعداد كبيرة، في ظل ما كان يعانيه الأقصى من قلة أعداد المصلين بفعل الإجراءات القمعية للإحتلال، ومنع سكان الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول للمسجد الأقصى، كما ربطت الحركة الإسلامية من خلال هذا المشروع المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل بالمسجد الأقصى كقضية عقائدية ووطنية، يجب الدفاع عنها بالمال والدم، وساهمت أيضاً في تعزيز الثقافة الوطنية والانتماء للقضية الفلسطينية حيث حاولت الحكومات الصهيونية المتعاقبة عبر برامج الأسرة، سلخ فلسطينيو48 عن هويتهم الوطنية بكافة طرق الخداع والترغيب، وزاد مشروع مسيرة البيارق من تحسين الحركة التجارية في أسواق القدس المحتلة، وإفشال المخطط الإحتلالي وسياسيات التضييق والحصار على المقدسيين اقتصادياً، والتي كانت تهدف لتفريغ مدينة القدس من أهلها في ظل صعوبة الأوضاع الاقتصادية.

العداء الصهيوني الكبير للحركة الإسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح، يأتي لأنّها لا تعترف بشرعية الإحتلال، وتتعامل مع الإحتلال ومؤسساته المختلفة كأمر واقع مصيره إلى زوال، ويتكون خطاب الحركة الإسلامية من المفردات الوطنية والثوابت الفلسطينية، خطاب يؤمن بفلسطين كامله ملك لأهلها، خطاب يرفض كلّ سياسات التهويد ويرفض المصالحة أو التسوية من المحتل، بل يؤكد خطاب الحركة الإسلامية في الداخل بأنّها جزء أصيل من النضال الفلسطيني لاسترداد الحقوق من بين أنياب المحتل الصهيوني .

فالإحتلال الصهيوني بعد أن فتح معركة المسجد الأقصى المبارك رسمياً، عبر السماح للمستوطنين باقتحام المسجد صباحاً، ومنع المصلين المسلمين من التواجد في ذلك الوقت لفرض تقسيم زمني يفضي إلى التقسيم المكاني للمسجد الأقصى، وحتى يمضي في مخططه يجب عليه أن يواجه أو يقمع كلّ مَن يعارض هذا المخطط، فكانت الدعوات من الساسة الصهاينة ومن بينهم نتانياهو وليبرمان وغيرهم لحظر الحركة الإسلامية والتعامل معها ككيان "إرهابي"، وعزل قياداتها ومؤسساتها وإبعادهما عن مدينة القدس والمسجد الأقصى، وفي هذا السياق تأتي أيضا قرارات المنع من دخول القدس المحتلة للشيخ رائد صلاح والشيخ كمال الخطيب وعشرات من المرابطين والمرابطات من فلسطينيو48م، وكما أنّ الهدف من إغلاق مؤسسات الحركة الإسلامية هو وقف كلّ المشاريع الحيوية الداعمة للمسجد الأقصى ومنها مشروع مصاطب العلم الذي قام بحظره وزير الحرب الصهيوني يعلون، وهذا المشروع إحياء لتراث عريق في المسجد الأقصى، حيث تنتشر 26 مصطبة علم في ساحات الأقصى، ويلتزم المئات من الرجال والنساء والشباب بالحضور اليومي لمصاطب العمل، ولعل خشية الإحتلال من مصاطب العلم لأنّها توفر تواجد عديد كبير من المصلين في الأقصى، وهذا يحبط أي إجراء تهويدي قد يستهدف الأقصى المبارك .

يبدو أنّ الإرباك يسيطر على حكومة نتانياهو، مع استمرار انتفاضة القدس وتواصل الاستعداد الفلسطيني للمواجهة والتضحية في سبيل الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، وتواصل نشاطات وفعاليات الحركة الإسلامية التي تعرقل مخططات الإحتلال في الأقصى، فنتانياهو يريد تنفيذ ما حققه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من تفاهمات في الأردن، تسمح لحكومته بالتحكم في المسجد الأقصى المبارك عبر آلية الدخول ونصب الكاميرات في داخل الأقصى، لذا فأنّ قرار حظر الحركة الإسلامية يأتي في سياق التصعيد الصهيوني ضد المقدسات وإشارة واضحة أنّ نتانياهو ماضٍ في مخططه الذي يستهدف المسجد الأقصى، فالقرار الصهيوني لم يستهدف الحركة الإسلامية وقادتها ومؤسساتها في الداخل المحتل فقط، بل يستهدف المسجد الأقصى المبارك بالأساس، ويجب المجموع الفلسطيني أن يكون حاضراً ومستعداً لأي طارئ قد يتعرض له أقصانا، وهنا تمكن الحاجة الوطنية الملحة لاستمرار انتفاضة القدس وتطويرها لتشكل رادعاً قوياً للعدو الصهيوني عن القيام بأي مغامرة ضد المسجد الأقصى المبارك  .

ارسال التعليق

Top